أن تُقـتـَـل العربُ
بقــلــم
محمد
علي حيدري
1ـ تمهيد................................(3)
2ـ تاريخ من الخيانات................. (10)
(أبولؤلؤة المجوسي ـ عبدالله بن سبأ ـ أبومسلم
الخراساني ـ علي بن يقطين ـ ابن شاهك السندي ـ البرامكة ـ العبيديون (الفاطميون )
ـ الحسن الصباح ـ قرمط ـ ابن الفرات ـ ابو سعيد القرمطي ـ أبو طاهر القرمطي ـ بن
مقلة ـ بني بويه ـ البساسيري ـ رضوان ـ الطوسي ـ ابن العلقمي ـ بدر الدين لؤلؤ ـ
محمد بن نصير ـ الفليسي ـ الكنجي ـ العقرباني ـ الحافظي ـ القمي ـ القائم بأمر
الله ـ الحلي ـ بركة ـ تيمورلنك ـ تمور طاش ـ درة الصدف .)
3ـ يقظة بعد سبات
............................ (28)
4 ـ
الصفويون.................................. (31)
5 ـ الرسالة الأولى ............................. (47)
6ـ الرسالة الثانية
.............................. (49)
7ـ الرسالة الثالثة
............................... (51)
8ـ القرن العشرون والحقد
الموروث........ 54
كتب
هذا الكتاب ليكون متاحاً للجميع، فمن أراد أجراً أو صدقة جارية أو حتى
مردوداً مالياً عن طريق طباعة هذا الكتاب
ونشره فليتفضل بالتقرب إلى الله بذلك، وجزاكم الله خيراً
المؤلف
1 ـ تمهيد
استكمالاً لكتابي السابق
الذي ألفته وطالبت فيه بنقد الذات قبل أن
التهجم على الغير ، فقد أسعدني تجاوب الكثير من إخواني الشيعة والسنة مع الأطروحات
التي جاءت فيه والتي بينت لهم فيها الحق
من الباطل مما شجعني على أن أكتب هذا كتابي الثاني عن تاريخ أهلي الشيعي الزاخر
بسلالات طامعة في الحكم تحججت بسيدنا المهدي المنتظر (ع) وادعاء محبة آل البيت (ع)
وبالغت في كراهية أهل السنة وسب الصحابة حتى تستولي على مقاليد الحكم أو لترسخ
معتقداتها غير الإسلامية ولتدخل في الإسلام ماتشاء من الخرافات ،وقد بينت في كتابي السابق أن أهم مايميز أهلنا الشيعة هو
تلقيهم التلقين من عمائم الحقد السوداء بأن الشيعة مظلومون منذ سيدنا الإمام علي
،وأنهم لم يحظوا بفرصة إمامة المسلمين ،وأن أبابكر وعمر وعثمان حرموا آل البيت(ع)
من حقهم بالحكم ،وأنهم ظلموهم واعتدوا عليهم ،ثم أخذ هؤلاء يروجون الروايات
الملفقة والخرافات التي لايصدقها السفهاء قبل العقلاء حتى يقنعوا العامة بما
لايمكن الاقتناع به . وقد كانت تلك الأكاذيب تنطلي علينا قبل عصر ثورة المعلومات
والفضائيات حتى اكتشفنا مدى تناقض الروايات التي يرفضها المراجع الدينية الإثنا
عشرية أنفسهم.
ومن
تلك الأمور التي كنا نتلقاها أن الحق المغتصب لآل البيت في الحكم سيرجع إليهم مع
ظهور المهدي المنتظر الشيعي فقط وليس السني ،فقسموا المهدي المنتظر إلى قسمين
لاندري أيهما نتبع ،ولكنهم عادوا فذكروا أنه مع قيام جمهورية الخميني الشيعية ،فإن
الشيعة قد قامت دولتهم لأول مرة وأنها تحكم باسم الإمام المنتظر بما عرف بولاية
الفقيه التي لم يتفق عليها حتى الشيعة أنفسهم . ولكن الحقيقة أن آل البيت عليهم
السلام كانوا حكاماً للأمة الإسلامية بصورة مباشرة أوغير مباشرة ولم يبتدعوا تلك
البدع التي ماأنزل الله بها من سلطان وكانوا هم قادة المسلمين الذين يطلق عليهم اليوم
أهل السنة ،فسيدنا علي (ع) لم يستعجل الأمور وكان بانتظار دوره ليدير شئون
المسلمين ،ولم يزعم في يوم من الأيام أن حقه بالحكم إلهي وأن ذلك الحق اغتصب منه،
وقد تدرج في مناصبه من بطل صنديد في سبيل الله منذ بداية البعثة النبوية
الطاهرة إلى مستشار عند أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلى
وزير في عهد عثمان رضي الله عنه ،ثم تولى الخلافة بعدهم .وهذا التدرج الطبيعي في
الحكم لايحتاج إلى كل هذه الضجة التي افتعلها مجوس الأمة ويهودها. وحتى حينما تولى
سيدنا علي (ع) الخلافة لم يدع إلى انشاء دولة شيعية يؤمها آل البيت (ع)،بل سار على نفس نهج سابقيه من
الخلفاء ولم يغير شيئاً ولم يقر متعة ولم يأخذ أرض فدك ولم يختصر
الصلوات من خمس مرات إلى ثلاثة ولم يدع إلى مخالفة الصحابة والتابعين كما يفعل
أئمة الحوزات الشيعية اليوم .وحتى حينما
اختلف مع معاوية كان الخلاف حول الثأر من قتلة عثمان ،ولم يكن على حكم أمة الإسلام
لأن المسلمين الذين لم يكن بينهم شيعة إثنا عشرية أو اسماعيلية أوغيرهم كانوا يرون
أن سيدنا علياً هو الأحق بالخلافة.ومن لم يحارب معه اعتزل الفتنة .أما من وقفوا مع
معاوية ، فلم يفعل أكثرهم ذلك كرهاً بسيدنا علي (ع) ،ولكن خوفاً من بطش أصحاب
الفتنة الذين كانوا يقاتلون في جيش سيدنا
علي والذين فرغوا للتو من قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه . ولما جاء سيدنا الحسن (ع) عليه السلام من
بعده سار على نفس نهج أبيه ونهج الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين سبقوه وهذا ماجعل أعداء الإسلام المندسين في جيشه من
شيعته يحقرون من شأنه فآثر السلامة وعقد صلحاً مع معاوية،لكن بعض الشيعة المتأثرين
بالفكر المجوسي كانوا ينظرون إليه باحتقار لأنه أبرم ذلك الصلح، وكذلك سيدنا
الحسين عليه السلام لم يغير من الإسلام في شيء ولم ينشئ علويات للنياحة على أبيه
علي (ع) ولا حسنيات للطم على أخيه الحسن ، بل سار على نهج أبيه وأخيه ،إلى أن غدر
به شيعته وخذلوه بعد أن عاهدوه على الوقوف معه حتى الموت وتخلوا عنه وجعلوه لقمة
سائغة في فم اعدائه الذين خرج لقتالهم
والذين كانوا يتفوقون عليه بالعدد والعدة .وكذلك فعل من جاء من بعدهم من آل البيت
(ع) كمحمد بن الحنفية وعلي زين العابدين وزيد بن علي والباقر والصادق والكاظم ومن
تلاهم من الأئمة الأطهار . فقدكانوا على منهج الرسول (ص) والصحابة. وقد فصلت ذلك
في كتابي السابق المعنون بنقد الذات . أما ماتم ذكره عن حكم شيعي يختلف عن حكم
الصحابة والأئمة من آل البيت (ع) فهو محض افتراء تفننت في نسج قصصه وأحاديثه
ومروياته المخيلة المجوسية اليهودية والمشركة والمرتدة عن الإسلام ليتلقفها
الطامعون بالسلطة فيتخذون من مظلومية آل البيت (ع) شعاراً يتسلقون به للوصول إلى
الحكم أو تغييره بدوافع شعوبية أودنيوية وعقائد قبل إسلامية حاقدة ماأنزل الله بها
من سلطان.وليكررها بسطاء الشيعة دون تدبر
أو تفكر فتترسخ في أذهانهم كعقائد ثابته.
ومن
المفارقات المحزنة أنه لم يكن لآل البيت
(ع) ولا للأمويين علاقة بالخلاف الذي نشأ بعد وفاة سيدنا الحسين (ع) وأدى إلى مايعرف اليوم بالخلاف الشيعي السني .
ولكن من يقرأ عن تاريخ العرب في تلك الفترة يدرك أن تشيع قبيلة أومجموعة لقيادة سياسية معينة يستتبعه تشيع قبيلة أو
مجموعة معادية لها لمن ينافسه أو يختلف معه نكاية بالقبيلة التي وقفت معه وليس
بغضاً لتلك القيادة ،ولذلك فإن تفسير الوقوف مع آل البيت (ع) أوضدهم لايحمل في
طياته أية ضغينة لهم ،وقد تقلبت أحوال الناس والقبائل من وقوف مع الأمويين أو ضدهم
أو اقحام
لآل البيت (ع) في الخلافات التي كانت دائرة بين القبائل القوية دون أن يكون
هناك أي معنى لكلمة سنة أو شيعة كما نعرفها اليوم .ومن دون اعتبار لمن كان مع الحق
أو مع الباطل. ولتوضيح كيف انطبق ذلك على الخلاف الدائر بين الهاشميين والأمويين
والعباسيين آنذاك وتشيع الناس لأي منهما؟فنذكر أن ما كان يعرف بشعر النقائض الذي
كان معروفاً في العهد الجاهلي ،كان له دور كبير في تأجيج الحروب والمذابح التي
دارت بين القوى السياسية الإسلامية . وبمقتضى شعر النقائض يمدح شاعر قبيلته ويذم
غيرها ،فيقوم شاعر القبيلة الأخرى بنقض كلامه والرد عليه ،مما يؤدي بالتالي إلى اندلاع
حروب بين القبائل في ذلك العصر ،وإلى تكوين تحالفات وانشقاقات وتحالفات وانشقاقات
مضادة . وقد كان شعراء القبائل المتحاربةيتراشقون
بالشعر كما يتراشقون بالسّهام ، وكانوا يهجون ويناقضون بعضهم بعضاً،فينتصر كل شاعر لقومه ويرد عليه شاعر
القبيلة المعادية ،وقد استفاد من ذلك أعداء العرب فاستغلوا خلاف الغساسنة
والمناذرة ومناقضاتهم فعرضوا عليهم التحالف معهم ،فتحالف الغساسنة مع الروم بينما
تحالف المناذرة مع أعدائهم الفرس .فلم تكن
أغلب الحروب تدور بين الروم والفرس ،ولكنها كانت على أشدها بين الغساسنة والمناذرة
الذين كانوا يتحاربون نيابة عنهما .
فلما جاء الإسلام غير من شأن تلك النقائض، فعلى
الرغم من أنهاكانت تعد في أيام الرسولصلى
الله عليه وسلم وآله وصحبه امتداداً للنقائض في الجاهلية إلا أن تغيراً قد أصابها بعد
انتصارات الرسول(ص) منحيث
الغاية والعفة ، فأصبحت دفاعاً عن عقيدة ومبادئ دينية بعد أن كانت تعرضاً لأعراضقبيلة ضد قبيلة أخرى، إضافة إلى أن الإسلام
هذب تلك النقائضولم تشتمل على فحش وجرح
للأعراض وانتهاك للحرمات لأن الإسلام حرم ذلك وقضى على الجاهلية المقيتة والتفاخر
بالأنساب واحتقار الآخرين. فانتهى السجال بين القبائل .وتحول إلى مناقضات بين
شعراء المسلمين وشعراء المشركين حيث دافع شعراء المدينة عن الإسلاموالمسلمين ودافع شعراء مكة عن دينهم الوثني
. ولكن بعيداً عن روح الإسلام ، وبعد الخلافات التي تلت وفاة أبي بكر وعمر حاول أعداء
الإسلام إدخال عقائد لاتمت للإسلام بصلة ،وأخذوا
يشعلون الفتنة بين المسلمين، واستغل بعض الجاهليين الفراغ السياسي فعادوا مرة أخرى إلى سابق نقائضهم .
فتناظرالشعراء بمدح قبائلهم وسرد
ومفاخرها ومثالب غيرها ، وأصبحت هناك مناظرات شعرية تدور في سوقي المربد فيالبصرة والكناسة في الكوفة.
فلما جاء
العصر الأموي كانت النفوس مهيأة للفتنة. وكانت قبائل ربيعة وقيس عيلان من اهم قبائل
العرب ، وكان بإمكان مواقفهم التي يتخذونها تغيير المسار التاريخي لصالح او ضد
القوى السياسية المتحاربة.
وأثناء الخلاف بين سيدنا علي وبين معاوية
ومابعد ذلك ،وقع خلاف بين قبيلتي قيس
وتغلب وهي من قبائل ربيعة بسبب المنافسة على أرض الجزيرة ،فكان كل من الطرفين يعير
الآخر ويتعالى عليه ،فكان القيسيون يسخرون
من بني تغلب ويعيرونهم بالنصرانية ومخالطتهم للروم ،واستهانة القيسيين كذلك بنساء
تغلب على اعتبارهن جواري !! وزاد الامر تعقيدا عندما أقدمسفهاء من قيس على التعرض لامرأة من تغلب
فسلبوا مالها ، فقام بعض رجال تغلب بغارة علىقيس
عيلان واستباحوا نسائهم .وقد كان من شعراء تلك الحقبة الفرزدق وجرير ،وكان بينهما
هجاء متبادل،فلما حدثت تلك الواقعة ،انتصر
الأخطل الذي ينتمي إلى تغلب إلى الفرزدق وهجا القيسيين قوم جرير بشعر فاحش ،وتحولت
المناقضات إلى تنابز بالألقاب والسخرية والحط من شأن الغير،مما أدى إلى حروب بين
تلك القبائل.
و عندما تولى الخلافة عبدالملك بن مروان لم يكن للهاشميين أو
العباسيين من أثر على الحياة السياسية ،ولكن عبدالملك بن مروان وجد نفسه في جو من
الفتن تباينت فيه مواقف القبائل بين مؤيد له ومؤيد لعبد الله بن الزبير الذي كان
على خلاف مع الأمويين منذ مقتل الحسين (ع) ،والذي حاول الاستقلال بالحجاز والعراق عن
الأمويين.
وفي خضم تلك الأحداث مال بنو تغلب وهم من ربيعة
لصالح بني امية ، فمالت القبائل المنافسة لها وهي قيس عيلانلصالح ابن الزبير ،ووقف جرير في صفوف قيس ، لأن عشيرته أسرعت بالبيعة لابن
الزبير .بينما مال الأخطل وهو شاعر تغلب
إلى عبدالملك بن مروان ومدحه في شعره هاجيا ً بني كليب بن يربوع رهط جريرومفضلاً عليهم بني دارم عشيرة الفرزدق خصم
جرير .
وإلى هنا والموضوع ليس له علاقة بآل البيت أو
محبتهم أو كراهيتهم ولكن المجوس الحاقدين على الإسلام استغلوا هذا الإنقسام فزرعوا
الفتنة بين الفريقين العربيين المسلمين، ففي اواخر العهد الاموي بدأت المواقف
تتبدل وتتغير ، ومال الربيعيون مع قبائل الازد الى بني هاشم في حين مالت القبائلالمضرية (مضر هم قريش وتميم وقيس عيلان
) الى بني امية ، فوقعت فتن كثيرةلربيعة اولها هزائمهم امام قيس في اليمامة
حيث ورث بنو نمير اليمامة من بني حنيفةوطردوهم منها.
·
أبو
مسلم الخراساني
والحقيقة ان سببهذه
الحروب هي الفتنة بين تغلب وبكر من جهة ، وقبائل قيس من جهة اخرى في منطقةخراسان في حدود سنة 106هـ .ودخل فيها مع
تغلب وبكر قبائل من الازد ، وزاد الامر تعقيدا أن المجوس بدأوا ينشطون لاستقطاب
القبائل العربية بعد قتل عبدالله بن الزبير
وأخذوا يوقعون بينها الفتنة بحجة مناصرة آل البيت(ع) فتحالفت ربيعة معهم،وقد تحرك ابن
سندوس بن حوذون الملقب بأبي مسلم الخراساني
من خراسان للقضاء على الإسلام بقضائه على الأمويين الذين كانوا يمثلون
العرب والخلافة الإسلامية بحجة مساندته للعباسيين من آل البيت (ع). ولأن الأمويين
وثقوا به عندما تظاهر بالإخلاص لهم ،لم يعتقدوا أنه سينقلب
ضدهم ،ولكنه كان في الواقع يجمع الفرس حوله للإنقضاض عليهم . وكان يعلم أن وسيلته إلى ذلك هي ادعاء محبة
آل البيت (ع) ،خاصة بعد حرب سيدنا علي مع معاوية ،واستشهاد الحسين على يد جنود ابنه يزيد . مما ولد مناخاً معادياً لبني
أمية ، رغم تعاطف من جاء بعد يزيد على مع علي وآله ،ورغم تنازل بعضهم عن الحكم كمعاوية
بن يزيد ،وزهد آخرين بالمنصب كعمر بن عبدالعزيز ،واختلاط نسب بني أمية بنسب بني
عمومتهم من آل هاشم بعد تلك الحوادث المؤسفة.
ولما كان العباسيون ،وليس الهاشميين هم
الذين كانوا يتصدون لمناهضة بني أمية بحجة الإنتقام لبني عمومتهم من آل بيت النبي
(ص)،انضم إليهم أبو مسلم ،وتشيع للامام محمد بن علي بن ابراهيم بن عبد الله بن
العباس ، وعمل مع العباسيين كمسؤول عن التنظيم السري .
وقد زاد من قوة العباسيين تحول قبائل ربيعة
وعلى راسهم تغلب الى بني هاشم ، وذلك لأن قبائل الازد كانت حليفةلبكر منذ بدايات العهد الاموي ، كذلك كان
ابو مسلم الخراساني من موالي بني عجل منبطون
تغلب التي اعتنق بعضهاالاسلام
حديثاً وكانت جميع تلك البطونمن
سلالة اسد بن ربيعة ،
وكان والي الامويين هو نصر
بن سيار الذي كان عليه محاربة قبائل ربيعة المعادية لآخر حكام بني أمية ، ولكنه
كان يحاول أن يقنع بني أمية وقبيلة ربيعة بأن الخطر المجوسي سيحيق بالجميع،وأن الإنشقاق
سيؤدي إلى القضاء على الإسلام وعلى العرب معهم ،فبدأ ببني أمية فكاتبهم شعراً
قائلاً:
أرى خلل الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكى وأن الحرب أولها الكـلام
فإن لم يطفئها عقلاء قوم يكون وقودها جثث
وهام
وقلت من التعجب،ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيــام ؟
فإن يقظت، فذاك بقاء ملك وإن رقدت، فإني لا ألام
ولكن الأمويين تجاهلوا نصيحته
،فأدرك نصر أن أبا مسلم ومن معه من الفرس يخدعون العرب ويشعلون نار الفتنة بينهم
،وأنهم سينقلبون على القبائل العربية الموالية لهم ،وعلى رأسها قبيلة ربيعة بعد
التخلص من الأمويين،فتوسل إليهم أن ينسوا عداواتهم وأن يتحدوا معه في وجه مجوس
الفرس قبل فوات الأوان،فكتب إليهم أبياتاً شعرية قال فيها:
أبلغ ربيعة في مـرو وإخوتهـا أن يغضبوا قبل أن لا ينفع الغضب
ما بالكم تلحقون الحـرب بينكـم كأن أهل الحجا عن فعلكم غيـب
وتتركون عـدواً قـد أظلـكـم
ممن تأشب، لا ديـن ولا حسـب
ليسوا إلى عرب منا، فنعرفهم
ولا صميم الموالي، إن هم نسبوا
قوماً يدينون ديناً ما سمعت بـه
عن الرسول، ولا جاءت به الكتب
فمن يكن سائلي عن أصل دينهم
فـإن دينهـم أن تقتـل العـرب
ويعني بالأبيات ان تشيع أبي مسلم لبني العباس ماهو إلا مداراة وتقية ،وأن مجوس الفرس
يستغلون الدعوة لبني العباس،ولكنهم يدعون لدين جديد وان ابا مسلم ليس من العربولاهو من الفرس المعروفين الذين اهتدوا
بهدي الله.
لكن ربيعة تجاهلت تحذيره ولم تعره اهتماما ، وقررتالاستمرار في حربها ضده مع الازد وابي مسلم
الخراساني ، وتطورت الاوضاع وهزم نصربن
سيار، واحتل ابو مسلم خراسان وفتح له
الطريق باتجاه العراق مع قبائل ربيعة والازد، وخلا الجو امام ابي مسلم الخراساني الذي وضع اللبنة الاولىلقيام الدولة العباسية في العراق .ولم
يدرك العرب المخدوعون بأبي مسلم الخراساني بأن هدفه وهدف أعوانه هو القضاء على
العرب ودينهم بتشيعهم المصطنع لآل البيت
(ع) ،وإحلال دين المجوس محله .
وعلى الرغم من أن أبامسلم قتل متشيعاً فارسياً
آخر منافساً له هو أبا سلمة الخلال ليفوز
بقلب العباسيين ،إلا أن العباسيين في بداية دعوتهم لم يكونوا غافلين كالأمويين في
نهاية حكمهم ،فتخلصوا منه حينما قويت شوكته وبدأ يحيط نفسه بالعنصر الفارسي ويقصي
غيرهم عن المناصب . ولكن من جاؤوا بعده من مجوس الإسلام استطاعوا بمكرهم وغدرهم
وتعاونهم مع كل أعداء الإسلام أن يحققوا الكثير من أهداف المجوس الأوائل.
وإذا راجعنا سطور التاريخ فسنصل إلى استنتاج غفل عنه الكثيرون، أو لم
يجرأوا على طرحه ، وهو أن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وعبدالله
بن الزبير وزيد بن علي رضي الله عنهم أجمعين بل وحتى الأمويين والعباسيين كانوا
يمثلون طرفاً واحداً في معادلة كان أعداء الإسلام يمثلون طرفها الآخر ، فالمشاكل
التي تعرض لها كل هؤلاء هو أنهم اعتمدوا على الولاءات الظاهرية للقبائل والأتباع التي
لم
يكن حب آل البيت (ع) أو بغضهم هو الذي كان يحركها ، ولكن الولاء للقبيلة والإنصياع
لأمرها هو الذي كان يدفع بأفرادها نحو طرف معين أو الإنقلاب عليه، بينما نجح أعداء الإسلام من مجوس ويهود وصليبيين
ومشركين لأنهم كونوا ولاءات سرية يتحركون من خلالها بالسر للقضاء على العرب
والمسلمين .وهل كان ذم سيدنا علي والحسن والحسين وزيد وآل البيت (ع) لشيعتهم إلا
بسبب ادراكهم لتلك الحقيقة المرة، بعد أن تحرك مجوس الإسلام بالسر فدفعوا تلك
القبائل للوقوف معهم عليهم السلام ثم تحريكهم للقبائل دون علمهم للإتجاه المضاد ؟
وإلا لماذا انقلب الخوارج على علي (ع) ولماذا سرق بعض أفراد جيش الحسن (ع) أمتعته
وحاولوا قتله ؟ ولماذا تخلى مؤيدو الحسين وزيد بن علي (ع) عنهما في أحلك الأوقات.؟
هل كان كل ذلك التخاذل مصادفة ؟أم بفعل مؤامرات تعرض لها آل البيت عليهم السلام من
مجوس الأمة ويهودها بعد أن حركوا تلك
القبائل وفق خططهم السرية ؟.
وبانتظار
الإجابة على تلك الأسئلة ، فإننا سنلاحظ من السرد التاريخي التالي أن هؤلاء
الانتهازيين يحسنون التقية والتسلل إلى صفوف الحكام السنة الغافلين منذ ذلك الوقت لارتكاب
الاغتيالات وإشعال الفتن والحروب بينهم .وكانوا خير عون، منذ البدايات الأولى
للإسلام، لكل من يهاجم ديار المسلمين على وجه العموم، ويهاجم أهل السنة على وجه
الخصوص.