دشتي والوحدة الخليجية
للنائب الكويتي السابق والمبطلة عضويته عبد الحميد دشتي, كما هو معروف لكل متابع, آراء خاصة وصادمة جدا في الكثير من الملفات الشائكة والحرجة في العالم العربي, وهي مواقف تعبر عن فكر وآيديولوجية قد لا تكون بالضرورة ناتجة عن قناعات خاصة, وإنما عن رؤية ذاتية ومصلحية معينة, فالسيد دشتي مثلا, وقد ملأ الدنيا وشغل الناس برواياته الخيالية حول عظمة الدستور السوري الذي تحول هشيماً بعد أن أمعن النظام السوري وتميز في ذبح شعبه ليتحول صورة استنساخية لنيرون العصر, يهاجم في الوقت نفسه وبشراسة سياسة المملكة العربية السعودية وهي الطرف الأكبر والمهم جدا في منظومة "مجلس التعاون" الخليجي, بل يضيف للمشهد الخليجي المتأزم بهارات وزعفران إيرانياً جديداً من خلال ترؤسه لمنظمة وهمية وتأبطه لمنصب وهمي افتراضي, وهو الأمين العام لمؤتمر نصرة الشعب البحريني, وهو المؤتمر المزعوم الذي يدعو علنا وصراحة ومن دون تقية ولا مجاملات لإسقاط النظام البحريني وإقامة البديل المعروف.
بل إن الرفيق دشتي له وجهة نظر أمنية خليجية مثيرة للتأمل والرثاء, والخيبة أيضا, فهو يعتبر ان لا خطراً على أمن الخليج من النظام الإيراني وحليفه وتابعه النظام الطائفي العراقي, وهنا تكمن المأساة والملهاة والنكتة السوداء.
وبالأمس أوقعتنا الصدفة المحضة في الاستماع لآراء الرفيق عبد الحميد دشتي في البيان الختامي لمؤتمر الكويت الخليجي الأخير, وحيث سمعنا العجب العجاب من آراء ومواقف من على شاشة قناة تلفزيون "المنار" التابعة لحزب الإرهابي القاتل حسن نصر الله, البندقية الإيرانية المعروضة للإيجار, وحيث "أبدع" دشتي في اللف والدوران والحديث بكلمات معلومة و"مسمومة" ليعلن رأيه في القرارات الخليجية في تشكيل قيادة أمنية وعسكرية خليجية, واعتبرها أمراً غير ضروري لوجود تنسيق أمني دولي ينتفي معه التنسيق الخليجي. لكن القنبلة الكبرى كانت في طلبه من "مجلس التعاون" الخليجي دعوة إيران لعضوية المجلس ودخول النادي الخليجي العربي.
حقيقة لا أدري كيف توصل الدشتي لهذه الخلطة العجيبة والتي تمثل انقلابا سياسيا مريعا ? فكيف يتم دعوة الذئب الإيراني للحقل الخليجي? وما الفائدة المتوخاة من وجود نظام يحتل الأرض الخليجية في الجزر الاماراتية, وفي إقليم الأحواز المحتل, ويمارس البلطجة الدموية في أرض الشام, وهو نظام لا ينفك عن العمل من خلال مؤسساته الأمنية والإرهابية في الحرس الثوري من أجل إسقاط الأنظمة الخليجية, وإقامة إيران الكبرى بمجالها الحيوي على حساب العرب, بل إنه يسعى الى السلاح النووي ليس ليشكل تهديدا لإسرائيل كما يعلن وينافق, بل لفرض مظلته السياسية الكبرى على دول المنطقة, خصوصا أن ملفات هذا النظام حافلة بالرزايا, والصفحات السوداء المعفرة بالدماء والتي لا تزال أصابعه تقطر الى اليوم من دماء الشعب السوري الحر الذي يواجه آلة الاحتلال العسكري الإيرانية من خلال حرسها الإرهابي وغلمان الإرهاب الصفوي التابع له من العراق ولبنان واليمن وباكستان وأفغانستان.
لا أدري عن الكيفية التي يريد الدشتي من الإيرانيين الولوج من خلالها للمنظومة الأمنية الخليجية, وهي ترسل جواسيسها وغلمانها لتعكير الأمن الخليجي, ولنشر الموت والدمار والأفكار العبثية الخرافية وإسقاط الأنظمة, السياسية والاجتماعية, وحماية المجرمين والمخربين من العملاء والوكلاء للمشروع الإيراني الإرهابي الذي أسفر عن وجهه القبيح في العراق أولاً, وفي الشام ثانيا, وحيث سيواجه الهزيمة الساحقة التي ستعيده لحجمه الحقيقي على يد أبطال ورجال سورية الحرة, الذين ما خضعوا لضيم, والذين تشكل ضرباتهم الموجعة للنظام الإيراني وعملائه بداية النهاية الحقيقية والانحدار والتلاشي للمشروع الصفوي العدواني في الشرق.
تصريحات دشتي الصادمة والغريبة لا يمكن وصفها سوى بعبارة لعب في الوقت الضائع, وهي تعبير عن أحلام وأمنيات وهمية أكثر من كونها حقائق, فقادة دول الخليج العربي ومن خلال خبرة 33 عاما من احتواء المخاطر والتحديات الأمنية والإرهابية يعرفون طريقهم جيدا ولا يحتاجون لمن يبشرهم بخارطة طريق إيرانية عجفاء. وسيبقى عبد الحميد دشتي بآرائه الغريبة وإبحاره في الاتجاه المعاكس لحركة التاريخ المركز الدائم للمواقف الغريبة والمثيرة للصدمة والرثاء.
داود البصري